أخبار عالمية

قصة حقيقية (ما الفارق بين عمي وابي )

يروي الشاب صاحب القصة :
إسمي أحمد ، وعمري الآن 33 عام ،قصتي تبدأ من بيت أبي في شبرا حيث كنت دوما أسأل نفسي :
ما الفارق بين أبي وعمي الذي يسكن معنا بنفس العمارة ؟؟
أبي شخص عصبي ودائماً منفعل علي زوجته وأبنائه ( أنا واخي محمد )


أبي دوماً مشدود الأعصاب وأمي تتلقي عصبيته ثم تفرغها فينا بالصراخ والغضب
كان أبي وعمي يعلماننا ركوب الدراجات
أبي يضرب ويقول يا غبي هنشيل السنادات يا جبااان
أما عمي فقد طلب من أبي التنحي
وقال لي أنا ماسكك يا أحمد متخافش مش هنشيل السنادات إلا لما تطمن وتتعلم كويس
ظل يسند الدراجة أياماً إلي أن اطمأننت وتعلمت لكن أبي وأمي علمونا كل شئ بالضرب :
غسل اليدين
غسل الأسنان
عمل الواجب
أما عمي فوزى فكان شيئا آخر
كنت أراه مبتسماً مهما كان مجهداً
كان يساعد طنط لميس زوجته في أعمال المنزل وكان هادئ جداً مع بنتيه رؤي ونهال


كنت دوماً أسأل نفسي : ما الفارق بين أبي وعمي ؟؟
أكيد ليس المؤهل فكلاهما مهندس مدني !!
هل حب الزوجة ؟؟
بلغني أن عمو فوزي تزوج زواجاً تقليدياً
بينما أبي أحب أمي وخطبها !!
أحيانا كنت أفكر : هل مقدار الصلاة أو العبادة ؟؟
أبي يصلي وعمي يصلي أيضاً
لكن بصراحة ،،
عمي كان يصلي بأخلاقه أيضاً وليس فقط بالصلوات الخمس ، بعكس أبي للأسف الشديد
أحببت عمي وأحبني
كان خيره يتعدي قلبه إلي من حوله
كان أبي يعاملني بالشدة والضرب بالخرطوم وإن تدخل عمي
يحرجه أبي ويقول له ( إنت عندك بنات لكن أنا بربي رجالة )
لكن عمي كان يبتسم قائلاً وهو يدافع عني ( أول صفة في الراجل إنه مايبقاش مكسور )


علاقتي بأبي كانت كتلا من السواد في المراهقة ، إكتشف أني أدخن السجائر فانهال علي ضرباً
لكن عمي زارني وسألني : لماذا تدخن ؟؟
لم يكن يلوم بل كان يحاور
فقلت له لأني ( أنا كبير ومتميز )
فقال ( السجاير أي حد ممكن يشتريها حتي لو مش متميز ، أنا ممكن أبعت عمك مدبولي البواب يشتري من غير مؤهل ولا غيره )
ثم قال كلمته المؤثرة ( خليك باصص لربنا مش للناس ؛ الملائكة بتتأذي مما يتأذي منه إبن آدم فالسجاير بتأذي الناس والملايكة )
سمعت كلام عمي ومنعت التدخين فوراً رغم إني كنت قد أقسمت علي معاندة ابي !!!
لماذا كنت أستسيغ الإنصات لكلام عمي مع أنه يحمل نفس المضمون ؟؟؟


ربما لأنه كان يعاملني باحترام ؟؟
مضت بي الأيام وأنا ألتصق بعمي فوزي وأتمني أن أتزوج رؤي ( من داخلي لأنها إبنته )
أبي كان شديد العصبية دوماً إلي أن إكتشف أن محمد أخي يتعاطي المخدرات
بدأ طبعاً بالضرب والخرطوم ثم الطب النفسي !!
محمد كسر ظهر أبي ، ساندته أنا وعمي
محمد كان ضحية العصبية والسب والركل والضرب
اندفعت وقلت لأبي ( مش مسامحك علي إللي عملته في أخويا ) فجذبني عمي بعيداً !!
محمد طول عمره كتوم ، وكتوم جداً ، حتي عني
لم يستجب محمد لأبي بالمكوث في المصحة فهرب منها وكان يسميها نادي الإدمان !!


أمي منهارة
وأبي كذلك
كانا يعتقدان أن العنف الذي قدماه كان كافياً للتربية فكل شئ يتم بالإجبار !!
محمد عاد إلي المنزل
وحاولت معه بشتي الوسائل بدون فائدة
أبي كان مكسوراً
عمي فوزي قال لأبي ( أنا سأتصرف )
فعمي فوزي كان معطاء محباً للناس
اعتقل محمد في منزله شهراً كاملاً لكنه كان إعتقالاً رحيماً وأخذ أجازة من عمله ، وطلب من زوجته الإنتقال لبيت أبيها مع البنات
تفرغ لمحمد !!
أحضر له طبيباً نفسياً رائعاً بالمنزل
كان ينصح


كان يسايس
ويقسو أحياناً ويقف أمام محمد
لكن أنا وهو تناوبنا علي محمد
لا أنسي أبداً نومته علي الأرض أمام حجرة محمد خشية هروبه
قبلت رأس عمي مراراً وتكراراً
كنت ناقماً علي أبي
لكن عمي قال لي ( اعذر أباك ، أبونا إللي هو جدك كان صعب أوي )
فقلت له ( لكن حضرتك مش كده )
قال لي ( أنا كنت حريص مكررش إللي اتعمل معايا وده توفيق من ربنا ، اعذر أبوك لأنه إتهان كتير من جدك )
محمد تم شفاؤه بحمد الله
أبي كاد ألا يصدق نفسه فخر ساجداً لله
نفسي جداً أرد الجميل لعمي
فكنت أسأل عنه
وأزوره بصفة مستمرة
كنت أتمني الزواج برؤي
دخلت كلية التجارة


ودخلت هي صيدلة
تقدمت إليها لكنها رفضتني وقالت أنها تراني أخاً فقط
كنت منهاراً
لكن عمي قبل رأسي وكانه يواسيني ولم يتكلم
أما أبي قال لي ( خليك راجل إيه يعني )
شعرت أن عمي مقدر إن أكثر من أبي فالرجولة لا تتناقض مع الحزن !!
ثم نظر لي في رحمة ، نعم كانت الرحمة تطل من عينه وسألني ( بتحب رؤي )
فقلت له ( بحب حضرتك وكان نفسي …… )
قالي ( أنا عمك وهأفضل عمك ) وحضني في وقت احتجت فيه للدعم أكثر من أي شئ
وتزوجت رؤي من صيدلي بشارعنا
أبي وأمي اختلفا بعد قصة محمد وأصبحا أقل حدة معنا
رزقني الله بعمل في إحدي شركات الإتصالات
أخذت رأي عمي فقال لي ( استخير ربك دوماً فهو العليم الحكيم )
تزوجت نهال بعد رؤي بعام


محمد تخرج ، ولازال حافظا لجميل عمي
توفيت زوجة عمي فوزي ، كان راضيا رغم حزنه !!
أنا ومحمد نتناوب علي المبيت معه بعد زواج بنتيه ووفاة زوجته
ما هذا الرجل الإنسان ؟؟؟
( قعدتك حلوة أوي يا عمي )
قراءته للقرآن كانت تهز روحي
كان دوماً يتابع عملي يعرف أني أعشق الحوار فكان يحاورني
ويعرف حنان محمد فكان يربت كتفه ويشاركه في إعداد الأطعمة
لكن …
حدث شئ جوهري !!
رؤي عادت غاضبة من زوجها إلي بيت عمي
زوجها كان بخيل جداً وعصبي جداً جداً
عمي لم ينفعل ، وكان دوماً مسلم أمره لربه
تم الطلاق بعد أن تنازلت حتي عن الشبكة !!
لكن شئ ما في صدري تجاه رؤي
شعرت أني يجب أن أتقدم إليها جبراً لخاطر عمي رغم عدم ارتياحي من بعد رفضها لي سابقاً


عمي شعر بي وقال لي ( لا تجامل أحداً علي حساب مستقبلك )
أشعر الآن أنها علي استعداد لتقبلي لكن حقاً أشعر بشئٍ ما في صدري
محمد أخي خطب
أبي وأمي لا يتكلمان معنا كثيراً
لكن ..
تناقشت مع نفسي فأنا أحب رؤي لكن شايل منها ومش قادر أنسي
طلبت من عمي أن أتحدث إليها فوافق
قلت لها ( ليه رفضتيني )
قالت لي ( كنت فاكرة إني مش بحبك من كتر ما كنت باشوفك لكن بالبعد عرفت إنت إيه عندي )
استخرت الله


وتزوجتها ⁦⁩
ووضعت يدي في يد حبيبي عمي لأتزوج رؤي
أصررت علي أن نقيم معه وجددنا الأثاث
أنا أستمتع بالبقاء معه
فهو شخص لطيف المعشر لا يثقل علي أحد
صلاته بركة المكان
رزقنا الله بحمزة
عمي فوزي لازال بنفس الروح الطيبة والهدوء ولا أنسي عندما علمني ركوب الدراجة
وعلمت حمزة إبني بنفس أسلوبه ( الهدوء والطمأنينة )
أبر أبي وأمي وأدعوا الله أن يعفو عنهما
وأكرر نموذج عمي كأب مع حمزة وكزوج مع رؤي التي أشعر بحبها الجارف وندمها علي تأخر ارتباطنا
لكن كل شئ بقضاء
انتكست صحة عمي


ناداني قائلاً ( أوعي تتصدم ، رسولك صلي الله عليه وسلم مات يا أحمد ، إلي الله مرجعنا )
أول مرة أخاف بالشكل ده
لكن لبت روحه الخيرة نداء خالقها وأنا في الثلاثين من عمري
عمي فوزي
الله يرحمك


وقفت في عزائه مكسور الظهر
وأبي كان يواسيني
ويتأملني ويردد ( فوزي عرف يربي )
بعد فترة حزن قررت ألا أكون حزيناً
سأرسل إلي عمي الخيرات في آخرته كما ملأ دنياي بكل جميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم مانع أعلانات

الرجاء أيقاف مانع الأعلانات ليظهر لك الموقع